التظاهر حق مشروع ومكفول في الدستور ما دام سلمياً وتحت سقف القانون ولا يهدد السلم الأهلي والمقار الرسمية والممتلكات الخاصة. وخروج الناس إلى الشارع في الأيام الماضية أتى تعبيراً عن يأسهم من طبقة سياسية لم تعمل بجدية على إيجاد حلول جذرية للملفات الخدماتية المتراكمة منذ سنوات، وفشلت في إيجاد حل مرحلي لأزمة النفايات المتراكمة التي تهدد صحة المواطنين وسلامتهم والأمن البيئي والاجتماعي والاقتصادي.
وبينما المواطنون يعيشون بين أكوام النفايات وفي عتمة شبه دائمة وفي ظل مياه مقطوعة في معظم الأوقات، يتصارع بعض السياسيين على المغانم والمكاسب ويعطلون أعمال الحكومة ويبتزون رئيسها الحكيم والصبور بدلاً من الاهتمام بشؤون الناس الحياتية الحيوية.
وكان الأجدى بقيادة حملة "طلعت ريحتكم" الدعوة إلى التمسك بالدولة وتفعيل مؤسساتها الدستورية وانعقاد مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة جديدة تجري الانتخابات النيابية بدلاً من الدعوة إلى إسقاط النظام، التي نفذت من خلالها بعض القوى السياسية لتحقيق مآربها الخاصة. والمخلصون في هذه القيادة يعرفون تمام المعرفة أن تغيير النظام يحتاج إلى مؤتمر تأسيسي يسعى إليه البعض منذ مدة ولن تكون نتائجه في صالح مكون رئيس في لبنان.
ومعلوم أن النظام في لبنان هو نظام ديموقراطي برلماني يؤمن الحرية والعدالة والشراكة بين مكونات المجتمع اللبناني، والمطلوب ليس تغيير النظام بل تطبيق اتفاق الطائف وخصوصاً البنود المتعلقة باعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بما يؤمن التمثيل الصحيح.
واتحاد جمعيات العائلات البيروتية إذ يرفض استعمال القوة المفرطة مع المتظاهرين، ويشجب التهجم على دولة الرئيس تمام سلام وعلى موقع رئاسة مجلس الوزراء، ويدين القوى السياسية التي دست في تظاهرة الأحد عصاباتها المشحونة بالحقد والكراهية لبيروت ورموزها حيث عبثت بسلميتها واعتدت على رجال الأمن والمتظاهرين وعاثت في الممتلكات العامة والخاصة خراباً، يناشد الرئيس سلام الاستمرار في موقعه حفاظاً على وحدة لبنان واستقراره، ويطالب بكشف أسماء الذين عبثوا بأمن العاصمة وإنزال أشد العقوبات بهم.