booked.net

محاضرة عن موقف الإسلام من التطرف والإرهاب

ألقى أمين عام لجنة الحوار الإسلامي - المسيحي الدكتور محمد السماك  في ١٩ كانون الأول ٢٠١٤ محاضرة في مقر الاتحاد عنوانها "موقف الإسلام من التطرّف والإرهاب" حضرها حشد من الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية والأمنية والأصدقاء.
مقتطفات من المحاضرة:
إن التطرف حالة فكرية احتكارية للحقيقة وإلغائية للآخر المختلف. كل حركات التطرف التي عرفها العالم توسلت الإرهاب أداة لها.
هذا الكائن الإرهابي أكثر ما يكون مخيفاً عندما يؤمن بأنه اذا مزّق جسده مع أجساد البشر الأبرياء فانه لا ينصهر في نار جهنم ولكنه يذوب في الحضرة الإلهية. وأي سعادة إنسانية أسمى من سعادة هذا الذوبان؟ أو من سعادة الشعور بتحقيقه؟
فالإسلام عندما يقول بالكرامة الانسانية، فإن ذلك يعني أن الكرامة هي للذات الإنسانية بصرف النظر عن الدين والمعتقد وعن اللون والجنس والعنصر. وبصرف النظر حتى عما إذا كان الإنسان مؤمناً أو غير مؤمن. لقد خلق الله الناس جميعاً من نفس واحدة، وخلقهم مختلفين، وأرادهم أن يكونوا مختلفين، ولكنه دعاهم إلى التعارف. والمدخل إلى التعارف هو الحوار بمعنى الاعتراف بالآخر المختلف واحترامه، وليس الإرهاب بمعنى رفض الآخر والعمل على إلغائه.
لقد وصف النبي محمد عليه الصلاة والسلام المسلم بأنه "من سلم الناس من يده ولسانه". أي من سلِم كل الناس من يده ولسانه. ومن هذا التعميم، هناك تخصيص لأهل الكتاب، ولا سيما المسيحيين منهم. فبموجب عهدة النبي عليه السلام لمسيحيي نجران، فإن النبي لم يتعهد لهم بالحماية وباحترام شعائرهم ومقدساتهم فقط – وهو النبي وليس الخليفة ولا مدّعي الخلافة -، ولكنه خصّهم، وفي مقدمتهم القسيسين والرهبان، بالمحبة والاحترام، وهو ما عبّر عنه القرآن الكريم بكلمة المودة. 
لم ترد كلمة مودة في القرآن الكريم سوى مرتين. مرة عندما تحدث عن العائلة ومرة عندما تحدث عن المسيحيين. وكأنه يريد أن يوحي لنا أننا والمسيحيين عائلة. 
أود أن أؤكد على أمرين أساسيين:
الأمر الأول : هو أن التطرف لم يأت من الخارج. انه صناعة محلية. مصدره سوء فهم النص الديني أو سوء تأويله، ولكن دائماً سوء استخدامه.
من أجل ذلك يتحتم العمل على تصحيح بعض المفاهيم الدينية ووضعها في إطارها الفقهي السليم، وتعميم هذا التصحيح بحيث يصبح ثقافة عامة. وهذه مسؤولية المتنورين المتمكنين من أسس العقيدة الإسلامية.
الأمر الثاني : هو أن الإرهابيين لم يأتوا من كوكب آخر. أنهم نتاج عملية غسل دماغ جرت بمياه هذه المفاهيم المغلوطة والمشوهة.
وليس خطأ الاعتقاد بأن ثمة مؤامرة تستهدف الإسلام. ولكن الخطأ بالتأكيد هو في عدم إدراك الحقيقة المؤلمة، وهي أن مسسلمين مضللين تحولوا إلى أداة من أدوات تنفيذ هذه المؤامرة. فلقد "ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً".