أكد الأمين العام ل"تيار المستقبل" أحمد الحريري، أن "البلد غير قادر على تحمل فترة اضافية من عدم وجود رئيس للجمهورية"، لافتا إلى أنه "إذا فشلت المبادرة في الوصول إلى التسوية واستمر الفراغ لاشهر عدة، فلن ينتخب رئيس للجمهورية على نار باردة، بل سينتخب بالدماء".
كلام الحريري جاء خلال لقاء حواري أقامه إتحاد "جمعيات العائلات البيروتية" في مقر الإتحاد في حضور النائب عمار حوري، الوزير السابق حسن السبع، النائب السابق محمد الأمين عيتاني، رؤساء الجمعيات البيروتية وشخصيات.
زيدان
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية من رئيس الاتحاد فوزي زيدان، فشدد على "الثقة الكبيرة بالرئيس سعد الحريري وإخلاصه للبنان وتفانيه في خدمته"، مؤكدا "أن إقدام الحريري على مبادرته الأخيرة كانت من أجل انتشال لبنان من الأزمات التي يتخبط فيها منذ سنة ونصف السنة من الفراغ الرئاسي، وإعادة الأمن والاستقرار والازدهار إلى ربوعه. فالتأزم السياسي على أشده، والحكومة مشلولة واجتماعاتها معطلة، وهي عاجزة عن إيجاد حلول للملفات الحيوية وأبسطها ملف النفايات، ومجلس النواب في إجازة مفتوحة، والإدارات الرسمية ينخرها الاهتراء والفساد، والخدمات العامة من كهرباء ومياه متدهورة، والاقتصاد على شفير الانهيار، والأوضاع الحياتية والاجتماعية من سيء إلى أسوأ، والأوضاع الأمنية وإن كانت ممسوكة حاليا، إلا أنها قابلة للانفجار لدى أي حادث مشبوه".
وإذ أعلن "تأييد التسوية المطروحة لانسداد الأفق أمام انتخاب رئيس توافقي ولإيجابياتها المتوقعة على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية"، طالب بـ"أن تشمل بنودها تعهدات واضحة لجهة التزام الفريق الآخر بها، وعدم إخلاله ببنودها لأن تجربتنا معه، عندما انقلب على موافقته على اتفاق الدوحة وإعلان بعبدا ولم يكن حبرهما قد جف بعد، كانت كارثية".
الحريري
ثم تحدث الحريري، فوجه "تحيات الرئيس الحريري إلى إتحاد العائلات البيروتية"، مستعيدا "كيف كان الاتحاد يشكل للرئيس الشهيد رفيق الحريري الرافعة والمكان الذي يعبر فيه عن كل الطروحات التي كان يقدمها للبلد، وعن كل المبادرات التي كان يقوم بها من أجل اعادة بناء الدولة واعادة لبنان الى موقعه الطبيعي على الخريطة العربية والدولية".
واعتبر أنه "بعد 10 سنوات من إكمال المسيرة مع الرئيس سعد الحريري، وبعد العديد من الدراسات التي قمنا بها واطلعنا عليها من منظمات دولية ومراكز بحوث، وجدنا ان هناك شريحة كبيرة من اللبنانيين سئمت من الواقع السياسي القائم على التعطيل، وعلى الحكومات التي لا تعمل، الأمر الذي انعكس ترديا في الخدمات الأساسية للناس، ولم تعد الدولة قادرة على جمع النفايات من الشوارع".
وشدد على "أن "تيار المستقبل" الذي يؤمن بمؤسسات الدولة وبحركتها وديمومتها، يعتبر نفسه الخاسر الاكبر من الفراغ الرئاسي المستمر منذ سنة ونصف السنة، بالاستناد إلى تاريخ الرئيس الشهيد الذي أنجز فيه وقف الحرب الأهلية، في حين أن تعطيل مؤسسات الدولة عن العمل يعني أننا على شفير حرب اهلية، خصوصا أن البلد فاقد لأي مناعة، ومعرض لأن يشهد ما يشهده العراق وسوريا من أحداث. أما الأمر الثاني الذي أنجزه رفيق الحريري، فهو إعادة الإعمار بعد تنظيف بيروت من آثار الاجتياح، ومن ثم ورشة الاعمار التي شهدناها من العام 1992 لغاية العام 1998، قبل أن تبدأ العرقلة في عهد إميل لحود"، لافتا إلى "أن الأمر الثالث هو تفعيل عمل المؤسسات، والرابع هو إعادة لبنان إلى الخارطة العربية والدولية بفضل علاقاته، أما الخامس فكان إعادة الخدمات الاساسية للمواطنين، بدليل أن الكهرباء في عهد الرئيس الشهيد كانت 24 ساعة، ولم يكن واقع شركة الكهرباء افضل من اليوم".
وقال: "بناء على ما تقدم، وفي ظل الفراغ الرئاسي في خضم الحرب المشتعلة في سوريا، لا سيما على حدودنا في البقاع وعكار، جاءت المبادرة المزمع إطلاقها من الرئيس الحريري لإنقاذ لبنان من الإنهيار، والتي تنطلق بشكل أساسي من أولوية الحفاظ على اتفاق الطائف، في ظل اعتبار البعض أن اتفاق الطائف فشل، وشهية بعض الأحزاب السياسية على تغييره، والتي منها من يريد المثالثة، في لحظة يبحث فيها عن اتفاق شبيه باتفاق الطائف في سوريا لانهاء الحرب، وكذلك في العراق واليمن، لكن ثمة في لبنان من يريد أن يتخلى عن الطائف"، مشيرا إلى أن "تغيير الدساتير لا يأتي على "البارد بل على الحامي"، ولا اعتقد أن هناك من هو مستعد للعودة الى الايام السوداء، خصوصا الجيل الذي لم يعش أيام الحرب الأهلية".
وذكر "بأنه بعد اجتماع الاقطاب المسيحيين الأربعة في بكركي، وهم الرئيس أمين الجميل، العماد ميشال عون، الدكتور سمير جعجع والنائب سليمان فرنجية، أطلق الرئيس الحريري موقفنا بأننا لا نضع فيتو على أي مرشح من هؤلاء الاربعة، أو ما يتفقون عليه، تحت غطاء بكركي، ثم جاء ترشيح جعجع، ونزلنا معه إلى مجلس النواب، وصوتنا له، وتلاه الحوار مع عون الذي أدى إلى تشكيل الحكومة الحالية كحاضنة في مرحلة الفراغ الرئاسي".
واذ اعتبر أن "شروط المبادرة لم تكتمل بعد، ولا حتى العناصر التي تجعل الأطراف تلتقي في منتصف الطريق، لإختيار النائب سليمان فرنجية أو غيره"، سأل: "في ظل ما يعيشه البلد من مخاطر كبيرة، جراء الأزمة السورية التي لا يبدو أنها ستنتهي قريبا، هل يمكن أن يبقى لبنان من دون رئيس للجمهورية؟".
وأضاف: "لا اظن أن البلد قادر على تحمل فترة اضافية من عدم وجود رئيس، واذا فشلت المبادرة في الوصول إلى التسوية واستمر الفراغ لاشهر عدة مقبلة، فلن ينتخب رئيس للجمهورية على نار باردة، بل سينتخب بالدماء". وتساءل: "هل نريد أن نكرر حربا أهلية ثانية؟ وفي حال عدم سريان التسوية ما الذي يضمن أن لا يكون هناك مثالثة".
ولفت إلى أن "المبادرة يجب أن تأتي تحت سقف تسوية الأمن والاستقرار، لأننا على تواصل يومي مع قيادة الجيش وقادة الأجهزة الأمنية الذين، ورغم ما يقومون به من إنجازات، لم يعد لديهم القدرة على الاستمرار من دون غطاء سياسي، فلنتخيل مسار الأمور إذا حصل ذلك"، مشيرا إلى أن "الاعلان عن المبادرة رهن اكتمال شروطها، وعندها سيقوم الرئيس الحريري بعرض تفاصيلها الاساسية كاملة".
وختم مداخلته بالقول: "جل ما نريده اليوم العودة إلى المكان الذي يمكننا من القيام بتسويات محلية لاعادة عجلة البلد والاقتصاد وفرص العمل إلى الدوران، لأننا حين نستعيد هذه الأمور، نكون قد استعدنا جزءا كبيرا من مشروع رفيق الحريري. وفي حال نجحت المبادرة، الجميع سيربح، وفي حال لم تنجح، يكون ضميرنا مرتاح تجاه الاقطاب المارونية الرئيسية، لأننا تعاطينا مع كل الفرص المتاحة، ولم نضع فيتو على أحد".